وجوب تصحيح المسار والثبات على المبادئ

العقيد/ فارس الهجري

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله القائل (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.

يسرني ويشرفني أن أوجه هذه الكلمات المتواضعة إلى أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام والى كل جماهير شعبنا اليمني العظيم، وذلك بمناسبة حلول الذكرى الثامنة والثلاثين لتأسيس المؤتمر الشعبي العام، هذا الحزب الوطني العريق الرائد في تخطيط وتنظيم النضال الوطني والثوري وقيادة الدولة والشعب اليمني خلال ما يقارب من أربعة عقود من الزمن.

وفي هذا المقام، يسرني أيضاً ان انتهز هذه المناسبة لارفع من خلالها أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى قيادة المؤتمر الشعبي العام و كافة اعضاءه وإلى جميع جماهير الشعب اليمني الأصيل.

وخلال تلك الفترة الذهبية للمؤتمر الشعبي العام، فقد عمل مؤسسه الأول الأخ المناضل الشهيد البطل القائد المشير الركن / علي عبدالله صالح-رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته- وإلى جانبه كوكبة مباركة من مختلف القيادات النضالية على ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار والنهوض بالوطن وتحمل أعباء البناء والتنمية في مختلف المجالات كالتربية والزراعة والصحة والصناعة وصولا إلى إيجاد بنية تحتية قوية تلبي احتياجات الشعب اليمني من الخدمات الأساسية والمتطورة، كما سعت قيادة المؤتمر الشعبي العام وبذلت أقصى الجهود من أجل بناء القوات المسلحة اليمنية، بصفتها الحارس الأمين للثورة اليمنية المجيدة ومنجزاتها العظيمة، على أن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في ٢٢ من مايو ١٩٩٠م، كان وما يزال أكبر وأعظم المنجزات الوطنية والثورية الخالدة لحزب المؤتمر الشعبي العام.

وبالرغم من تلك المسيرة الحافلة بالعطاء والمنجزات والتي نفتخر بها جميعا، إلا أنه - وإنصافا للحقيقة - لابد أن نعترف أننا كبشر نصيب ونخطئ، قد ارتكبنا جملة من الأخطاء بقصد أو بدون قصد، وبرزت جملة من السلبيات في أعمالنا التنظيمية والإدارية والقيادية، ولا نجهل أيضاً أن تلك السلبيات، بالإضافة إلى العوامل والمتغيرات الإقليمية والدولية، قد ساهمت بدرجة كبيرة في إفلات زمام الأمور وفقدان السيطرة على الأوضاع ومن ثم فقد حزبنا الفتي تلك الريادة.

وأياً كانت الوقائع مريرةٌ وأليمة، فإنه يتوجب علينا - أيها المناضلين الأحرار أن نعيد النظر ونراجع صفحات الماضي وتلك التجربة العظيمة، بحيث نصنف السلبيات ونعمل على تصحيحها، ونقيم الإيجابيات ونعمل على تعزيزها، وبذلك سنتمكن من الاستمرار في أداء مهامنا النضالية والوطنية، وسنستعيد بإذن الله تعالى حقوق الشعب اليمني الثورية والدستورية المنهوبة من قِبل عصابة التمرد والانقلاب اذيال المجوس. 

وبهذه المناسبة الغالية أود أن اذكر نفسي وكل إخواني الأحرار والمناضلين في المؤتمر الشعبي العام، بتلك المهام الوطنية العظيمة والواجبات الثورية المقدسة والتي يجب علينا إنجازها مهما كلفنا الثمن، وعلى أننا نعلم جميعا أن الطريق إلى تحقيـقِ تلك الأهداف الكبيرة ليست مفروشة بالورود، بل إن هناك صعوبات شاقة وعقبات كؤود ستعترض طريقنا خصوصًا في هذه المرحلة الاستثنائية من تاريخ شعبنا اليمني العظيم، إن الاستجابة الديناميكية لأداء الواجب الوطني المقدس تقتضيه الحتمية التاريخية والضرورة الإنسانية في هذه المنعطف التاريخي الحاد لشعبنا اليمني العريق. 

وفي هذه الأثناء تبرز الحاجة الملحة والماسة لابناء شعبنا اليمني إلى جهود كافة المناضلين والمخلصين والأحرار من أبناءه ممثلةً في تخليص الشعب من هذه الغمة الجاثمة على صدره، ووضع حداً لمعاناته تحت هيمنة تلك الشرذمة المارقة عن كل الأديان والقيم والمبادئ والأعراف الإنسانية والاخلاقية، وذلك بالقضاء على مليشيات الانقلاب الحوثية واستعادة الشرعية الدستورية ومؤسسات الدولة والحفاظ على الوحدة الوطنية، واستعادة الأمن والاستقرار والسكينة العامة إلى المجتمع، وتوحيد وبذل الجهود من أجل إعادة إعمار البنية التحتية وإعادة الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية وغيرها.

ومن أجل القيام بتلك المهام والمسؤوليات الوطنية الكبرى، لابد لنا أولا: أن نؤكد لابناء شعبنا اليمني اننا في المؤتمر الشعبي العام ما نزال متمسكين بالمبادئ والثوابت والقيم الوطنية والثورية والجمهورية، ونؤكد ثانياً: أنه لا بد من تضافر جهود جميع أبناء الشعب اليمني، وفي هذا السياق فإننا ندعو كافة الأحزاب السياسية والقوى الاجتماعية إلى نبذ الخلافات والترفع عن الصغائر وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الحزبية والشخصية الضيقة، كما ندعو وبكل إصرار إلى توحيد الجبهة الداخلية وبذل الجهود والوقوف صفًا واحد من أجل تحقيق أهداف شعبنا اليمني واستعادة مسار الثورة والجمهورية والحفاظ على الوحدة اليمنية المباركة ارضا وانسانا. 

ومن أجل تحقيق ذلك لابد من فتح قنوات الحوار بين مختلف الأحزاب بحيث يتفق الجميع على الأسس العامة والقواسم الوطنية المشتركة والتي تضع المصالح العليا للوطن فوق كل اعتبار، إن تنظيم وتوحيد الأعمال النضالية لكافة الأحزاب وفصائل المقاومة تحت قيادة موحدة سيمكننا من القضاء على الانقلاب والمضي قدمًا في إنجاز مهامنا الوطنية الاخرى هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى سنتمكن إلى درجة كبيرة من كسب وتأييد الرأي العام الإقليمي والدولي في تأكيد ذاتنا وإثبات هويتنا اليمنية والانتصار لقضيتنا العادلة.