خلال الحرب الباردة وعلى خلفية اختراع الاتحاد السوفييتي لأول قمر صناعي، قامت وكالة المشروعات والبحوث المتقدمة ARPA التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية سنة 1969 بالتعاون مع جامعة لوس أنجلس بكاليفورنيا، بإنشاء شبكة سميت ARPANET، قادرة على ربط حاسوبين متباعدين بمئات الكيلومترات، وفي البداية تم ربط حاسوب من جامعة لوس أنجلس وأربع مراكز بحث أخرى بهذه الشبكة.
وفي سنة 1971 ارتفع عدد مراكز البحث المرتبطة بالشبكة إلى 23، وبحلول سنة 1972 تم إنشاء نظام البريد الإلكتروني، وانعقد في هذه السنة المؤتمر الدولي الأول للاتصالات المعلوماتية، حيث انبثق عنه تأسيس فرقة عمل الشبكة الدولية INWG والتي ضمت لأول مرة أعضاء من بريطانيا والنرويج وتم ربط كل من Collège of London في بريطانيا، وRoyal Radar Etablishment في النرويج بشبكة ARPANET، وبذلك أصبحت هذه الشبكة عالمية.في سنة 1974 تم تطوير بروتوكول TCP/IP المسؤول عن نقل المعلومات في الشبكة، وفي سنة 1983 عمم استخدام ARPANET واستمر ذلك لمدة سنة ليتم في 1984 تقسيم ARPANET إلى شبكتين، الأولى ARPANET موجهة لخدمة الاتصالات غير العسكرية، والثانية في شكل شبكة جديدة سميت MILNET موجهة لخدمة الأغراض العسكرية فقط.
في سنة 1985 بدأت مؤسسة العلوم الوطنية NSF بتطوير شبكة جديدة سميت NSFNET، وتوقفت ARPANET عن الخدمة بحلول 1990.في سنة 1992 قام المركز الأوروبي للبحوث النووية بسويسرا بإنشاء ما يسمى بالشبكة العنكبوتية العالمية www، والتي تسمح بتصفح الوثائق على الشبكة، وفي سنة 1995عرفت NSFNET تطورا كبيرا في هيكلتها وكان ذلك تمهيدا لظهور شبكة ضخمة تربط بين ملايين الحواسيب عبر العالم هي شبكة الإنترنت، التي تمثل أعظم شبكة للاتصالات وأكبر مزود للمعلومات في الوقت الحالي.
مفهوم الإنترنت
تعرف الإنترنت على أنها “شبكة معلومات دولية واسعة النطاق غير خاضعة لأي حكم مركزي، تضم بداخلها مجموعة شبكات حواسيب آلية خاصة وعامة منتشرة في جميع أنحاء العالم“.
كما عرفت الأنترنت بأنها “شبكة معلوماتية عالمية مكونة من مجموعة من شبكات وطنية ومحلية وخاصة، مرتبطة فيما بينها عبر بروتوكول ،TCP/IP تتعامل فيما بينها بهدف توفير واجهة موحدة لمستخدميها“.
خصائص الإنترنت
وتتميز الإنترنت بخصائص فريدة تميزها عن باقي شبكات الحاسوب الأخرى، ويمكن أن نذكر أبرز هذه الخصائص فيما يلي:
الإنترنت شبكة الشبكات: فالإنترنت هي شبكة واسعة النطاق تضم بداخلها مجموعة من شبكات الحواسيب سواء العامة أو الخاصة؛
الإنترنت مستخدموها مجهولون: نظرا لأن شبكة الإنترنت شبكة دولية يتعامل معها مستخدمون من مختلف دول العالم، وبالتالي فهم مجهولون لبعضهم البعض؛
الإنترنت ذات قدرات غير محدودة: ويعني ذلك أن أداء شبكة الإنترنت لا ينخفض بزيادة عدد مستخدميها، فهذا العدد لا يمكن التحكم به.
الهيئات المنظمة للإنترنت
إن كون الإنترنت شبكة مفتوحة وغير مملوكة لأي جهة رسمية قد يطرح التساؤل عن كيفية إدارتها والهيئات التي تقوم بتنظيم العمل والاتصالات بها، وفي الحقيقة هناك جهود مشتركة لعدد من المنظمات والمؤسسات التي تسهم في وضع سياسات الإنترنت والسهر على تطبيقها لتطوير هذه الشبكة والعمل على صيانتها، ومن بين هذه الهيئات نذكر ما يلي:
هيئة (IEFT (Internet Engineering Task Force: هي هيئة عالمية كبيرة تفتح باب الاشتراك بها لجميع مصممي الشبكات، والدور الرئيسي لهذه الهيئة هو تطوير الإنترنت وتقديم الحلول للمشاكل التقنية التي قد تواجهها.
هيئة (IESG (Internet Engineering Steering Group: هي هيئة تقوم بإدارة عدة نشاطات مرتبطة بالشبكة، من بينها مراجعة المعايير التي تصفها (IEFT).
هيئة (IAB (Internet Architecture Board: هي هيئة للاستشارات التكنولوجية حيث تقوم بتقديم خدمات استشارية وتوجيهاتها لمجموعة (IEFT) كما تحدد الهيكلة العامة للإنترنت وعمودها الفقري.
هيئة (ISOC (Information Security Operations Center: هي جمعية متخصصة تضم في عضويتها مجموعة من الكيانات مشكلة من أفراد، إدارات حكومية، مؤسسات، ومنظمات غير ربحية تقوم برصد السياسات والممارسات المتعلقة بالإنترنت وتسعى إلى تعزيز ورفع مستوى استخدام وتطوير وصيانة الإنترنت.
هيئة Internet Corporation for Assigned Names and NumberICANN: وتعرف بمؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة، وهي مؤسسة غير ربحية تتولى إدارة عناوين IP وأسماء المجالات.
تكنولوجيا الإنترنت وخدماتها
تعتمد شبكة الإنترنت على مجموعة من التكنولوجيات التي تمكن المستخدمين من الوصول إليها والاستفادة من خدماتها المختلفة. وسيتم تناول في هذا الجزء مفهوم تكنولوجيا الإنترنت ومراحل تطورها مع ذكر أهم الخدمات التي ظهرت خلال كل مرحلة.
عرف (D.Males & G.Pujolle) تكنولوجيا الإنترنت على أنها “كل تكنولوجيا ترتكز على بروتكول IP“، ويعرف البروتوكول على أنه “مجموعة الأسس والقواعد والإجراءات التي يتوجب الالتزام بها عند تنفيذ التراسل بين الأجهزة في شبكة“.
تطور تكنولوجيا الإنترنت
وقد تطورت تكنولوجيا الإنترنت عبر ثلاثة موجات متتالية، حيث ظهر مع كل منها مجموعة من الخدمات، وسنتطرف لهذه الموجات والخدمات التي رافقتها على النحو التالي:
الموجة الأولى
استخدمت الإنترنت في هذه المرحلة كأداة اتصال من قبل المؤسسات التعليمية ومراكز البحث من خلال ربط الحواسيب وتبادل الملفات الكبيرة والملفات النصية الصغيرة المسماة بالبريد الالكتروني عبر بروتوكولات TCP/IP.وتعتبر بروتوكولات TCP/IP اللغة الأساسية للاتصالات في شبكة الإنترنت، حيث أن كل جهاز مرتبط بالشبكة يجب أن يكون له عنوان وحيد يعرفه ويميزه عن بقية أجهزة الشبكة يسمى عنوان IP، وقد سمحت هذه التكنولوجيا بظهور عدة خدمات أهمها:
خدمة البريد الإلكتروني: تعتبر هذه الخدمة أولى الخدمات التي ظهرت على شبكة الإنترنت وذلك في سنوات السبعينات من القرن الماضي، وتسمح هذه الخدمة بإرسال واستقبال رسائل إلكترونية من وإلى جميع المشتركين في الشبكة عبر العالم.
خدمة نقل الملفات FTP: تعتمد هذه الخدمة على بروتوكول نقل الملفات FTP الذي يعمل على نقل الملفات بين موقعين في شبكة الإنترنت وذلك بالولوج إلى حاسوب مزود (خادم) في شبكة، وجلب وإرسال ملفات مخزنة فيه إلى حاسوب آلي آخر، وبفضل هذه الخدمة أصبح بالإمكان تناقل الملفات عن بعد ومن حواسيب في أماكن مترامية الأطراف.
خدمة مجموعات الأخبار: ظهرت هذه الخدمة في بداية الثمانينات من القرن الماضي وهي تعرف بـ Usenet، ويمكن مقارنة مجموعات الأخبار بالمنتديات التي تضم أفراد من مختلف أنحاء العالم يجمعهم اهتمام مشترك بمواضيع معينة، بحيث تصنف المجموعات الإخبارية في فئات رئيسية تخص مواضيع مختلفة منها التكنولوجيا، العلوم…الخ. ويمكن لأي مستخدم لشبكة الإنترنت الانتساب لأي مجموعة أخبار بمنتهى السهولة.
خدمة قوائم النشر: تشمل هذه الخدمة إنشاء وتحديث قوائم لعناوين البريد الإلكتروني لمجموعات من الأشخاص ذوي اهتمامات مشتركة، وتقوم المواقع باستخدام هذه القوائم لإرسال المعلومات والمستجدات عن المواضيع والسلع ذات الاهتمام إلى عناوين البريد الإلكتروني للأفراد الذين تم تسجيلهم في الموقع.
خدمة الدردشة عبر الإنترنت: ظهرت هذه الخدمة في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، وهي تمكن من استخدام شبكة الإنترنت كوسيلة للاتصال المباشر بين الأفراد عن طريق المحاورة الآنية في شكل رسائل نصية متبادلة.
الموجة الثانية
إن أهم ما ميز هذه الموجة هو ظهور متصفح الويب والمعروف باسم الشبكة العنكبوتية العالمية WWW، ولقد تم ابتكاره في بداية التسعينات وهو يشكل أكثر من %80 من الإنترنت حيث يمكن مستخدمي الإنترنت من تصفح المواقع التي تحتوي على النصوص والصور والفيديو والأصوات بطريقة سهلة عبر الشبكة.ويرتكز نظام تصفح الويب على ثلاث ركائز أساسية تتمثل في كل من عنوان موقع الويب أو العنوان الإلكتروني، لغة ترميز النصوص التشعبية، وبروتوكول نقل النصوص التشعبية. وقد ظهر مع الموجة الثانية لتكنولوجيا الإنترنت عدة خدمات أهمها ما يلي:
خدمة البحث عن المعلومات: توفر هذه الخدمة إمكانية الولوج إلى معلومات ذات صلة بمواضيع تخص شتى الميادين، ويتم البحث عن المعلومات باستخدام محرك البحث، حيث يتم طلبها باستخدام برامج متصفحات الويب من خوادم تحوي كميات هائلة من المعلومات المحفوظة في شكل صفحات، وبتنسيق كبير بين مختلف الخوادم المتواجدة في مختلف أنحاء العالم يتم إيجاد المعلومات أو الصفحات المطلوبة، ويتم إرسالها للعميل في مدة قصيرة.
خدمة الدردشة عبر الويب: الدردشة عبر الويب هي نظام يسمح للمستخدمين بالاتصال بين شخصين أو أكثر في الوقت الحقيقي باستخدام واجهة الويب، وتتم المحادثة عبر النصوص، أو بالصوت والصورة باستخدام الوسائط المتعددة، وتتم الدردشة إما في غرف للدردشة تجمع بين عدد من المشتركين ذوي اهتمامات مشتركة، أو في شكل بريد فوري حيث يتم تبادل الرسائل آنيا بين شخصين.
خدمة الاجتماعات المرئية عبر الويب: تتمثل هذه الخدمة في عقد مؤتمرات مرئية بمشاركين في مواقع متباعدة جغرافيا من خلال تبادل البيانات السمعية البصرية بين موقعين أو بين مواقع متعددة، ويحقق هذا النوع من الاتصال التفاعل بين المشاركين لقيامه على خاصية التزامن في الاتصال، أي الاتصال في الوقت الحقيقي، كما يمكن من تبادل التجارب والخبرات بين الكفاءات المنتشرة في مختلف دول العالم.
خدمة المدونات: المدونات عبارة عن مواقع ويب تتخذ شكل مفكرة شخصية تتضمن أفكار وانطباعات منشئيها من أفراد وهيئات، ويتم تحديثها باستمرار، وهي تفسح المجال لزائريها بتقديم تعليقاتهم وملاحظاتهم.
الموجة الثالثة
أهم ما ميز هذه الموجة هو ظهور تقنية الند للند (Peer to Peer) سنة 1998 إثر استخدامها على الإنترنت من قبل شركة Napster الأمريكية لغرض تمكين الحواسيب من التخاطب مع بعضها البعض مباشرة عبر الشبكة، وتعتمد هذه التقنية على إمكانية تبادل ملفات البيانات بين مستخدمي الإنترنت مباشرة دون الحاجة للمرور بأي خادم أو وسيط آخر مع إمكانية جعل المستخدم مستهلك ومنتج في آن واحد.و قد ميز هذه الموجة ظهور عدة خدمات من بينها:
خدمة تشارك ونقل ملفات شبكات p2p العمومية: تسمح هذه الخدمة لمستخدمي شبكات الند للند العمومية بتشارك ونقل الملفات، علما أن مختلف هذه الشبكات هي تابعة لمؤسسات خاصة وأنه مسموح لكل مستخدم للإنترنت بالارتباط بها شرط تثبيت البرمجية التي تسمح بذلك.
خدمة تشارك ونقل ملفات شبكات p2p الخاصة: تسمح هذه الخدمة لمستخدمي شبكات p2p الخاصة بتشارك ونقل الملفات، ويمكن لمستخدمي الإنترنت إنشاء هذا النوع من الشبكات من خلال تثبيت برمجيات خاصة لحواسيبهم كبرمجية (Freenet) وتعطي شبكات p2p الخاصة للمستخدم إمكانية اختيار مستخدمي الشبكة الذين يمكنهم الارتباط به انطلاقا من عناوين IP الخاصة بهم، وتسمح بمنع نفوذ المستخدمين غير الموثوق بهم من خلال كلمة المرور، كما تسمح بتشفير الملفات.
خدمة البحث عن المعلومات المتواجدة بالويب المخفي الشخصي: تسمح هذه الخدمة بالبحث عن المعلومات المخفية المتواجدة بالويب المخفي الشخصي، أي المعلومات المتواجدة بصفحات الويب المخزنة بالحواسيب المرتبطة بشبكات p2p، وذلك بالاعتماد على برمجيات خاصة كبرمجية Human-links، علما أن محركات البحث مثل Google وYahoo تساعد على البحث في الويب المرئي فقط، بينما المحركات مثل Metacrawler فهي تساعد على البحث في الويب المخفي العمومي.. المصدر هنا.