رثاء لفقدان فضيلة الشيخ الصابوني

َفْجُوعَةٌ حَمَلَتْ أَسْمَالَ عِزَّتِها

تَبْكي الإِمامَ الِّذيِ في عَصْرِنا عَلَمُ


سَأَلْتُ ما بَالُها حَسْنَاءَ قَدْ بَرَزَتْ

شعثاءَ قالوا عَراها حَادِثٌ ألَمُ


تَيَتَّمَ العِلْمُ مِنْ حَيْثُ ابتَدا سَلَفاً

كما تَرَمَّلَتِ الأَوْرَاقُ والقَلَمُ


إِمامُنا شَيْخُنا مَنْ لا مَثِيلَ لَهُ

مُحَمَّدٌ مِنْ بني (الصّابُونِ) يَتَّسِمُ


بِإِسْمِهِ قَبَسُ التَّطْهِيرِ مُنْدَمِجٌ

حَتّى غَدا شَرَفاً صَابونَ مَنْ عَلِمُوا


إِمامُنا الجَامِعُ الفَذُّ الّذي مَلَأَتْ

آثارُهُ الأَرْضُ فهو الفَيْصَلُ الحَكَمُ


عُلُومُ آياتِ رَبّي صَاغَ جَوْهَرَها

بَسْطاً يُعَانِقُهُ التَّوْفِيقُ وَالشِّيَمُ


وَسُنَّةُ المُصطفى مِنْ حَيثُما قُرِئَتْ

أَعَادَ خِدْمَتَها شَرْحاً لِمَنْ وَهِمُوا


طَابَتْ بِصُحْبَتِهِ أَنفاسُ مَنْ أَخَذُوا

عَنْهُ المَعَارِفَ فَاسألْ مَنْ لَهُ لَزِمُوا


مُجَاهِداً في سَبِيلِ اللهِ ما فَتِئَتْ

فُتُوحُهُ في صُنُوفِ العِلْمِ تَنْتَظِمُ


قَضى الحياةَ احتِساباً لا يُماثِلُهُ

إلا رِباطٌ على ثَغْرٍ بِهِ ازدَحَمُوا


رُحماكَ رَبّي وَقَدْ مَتَّعْتَهُ زَمناً

عُمْراً فباهَى بهذا العُمْرِ مَنْ قَدَمُوا


أَكْرِمْهُ رَبّي بدارِ الخُلْدِ فَهْوَ لها

أَهْلٌ وفي جَنَّةِ الفِرْدَوْسِ يَنْسَجِمُ


وَاخْلُفْهُ في أُمَّةِ القُرآنِ مُجْتَهِداً

مِنْ مِثْلِهِ صالِحاً في العَصْرِ يُغْتَنَمُ


فَالعَصْرُ أَودَى بِأَهْلِ الدِّينِ مَحْرَقَةً

وَقُودُها فِتْنَةُ القُرّاءِ حَيْثُ هَمَوْا


حُرْقُوصُ بَاتَ قَرِيباً مِنْ مَنازِلِنا

وَذُو الثُّدَيَّةِ في الأوطانِ يَنْتَقِمُ


والحَقُّ مُنْكَتِمٌ في صَدْرِ مَنْ ظُلِمُوا

عَبْرَ الزَّمَانِ وَكَمْ مِنْ قَبْلِنا كَتَمُوا


لولا الجُهُودُ الّتِي قَامَتْ عَلى مَضَضٍ

بِمَنْ فَقَدْنَا وَمِنْ أَمْثَالِهِ قِمَمٌ


لَكَانَ دِينُ الهُدى مِنْ صِنْفِ ما صَنَعُوا

سُوقاً وَبُوقاً وَوَزْنُ القَوْمِ سُوقُهُمُ


تَفَاقَمَ الإِفْكُ حَتّى طالَ مَدْرَسَةً

قَامَتْ على الحَقِّ والأَثْبَاتُ تُتَّهَمُ


لا بَارَكَ اللّهُ دُنيا قَدْ تُفَرِّقُنا

ولا بِإِيوانِ حُكْمٍ فِيهِ نَنْقَسِمُ


تَبَارَكَ العِلْمُ في جِيلٍ نُؤَمِّلُهُ

مِمَّنْ لَهُمْ شَرَفُ التَّسْلِيكِ مُنْذُ نَمَوْا


لا والّذي بَرَأَ الأَكْوَانَ ما صَلَحَتْ

أَرْضٌ بِهَرْجٍ ولا مَرْجٍ وَإِنْ حَكَمُوا


وَإِنّمَا حَضَرَتْ أَشْرَاطُ سَاعَتِنا

وَخَيْرُ مَالِ الفَتى في عصرِنا الغَنَمُ


فَالشّامُ تَرْجُفُ بالأشلاءِ مُتْخَمَةٌ

وَمَاءُ دِجْلَةَ في أعمَاقِهِ الرِّمَمُ


وَمِصْرُ واليَمَنُ المَيْمُونُ مُضْطَرِبٌ

وَمَغْرِبُ الوَطَنِ المَفْجُوعِ يَنْهَدِمُ


دَعْ عَنْكَ لَوْمِي إذا ما لُمْتَنِي شَطَطاً

فَأَصْدَقُ القَوْلِ في الأَزْمَانِ يَنْكَتِمُ


والعِلْمُ عِلْمَانِ عِلْمٌ فِيهِ مَصْلَحَةٌ

وآخَرٌ بِمَعِينِ الصِّدْقِ يَلْتَئِمُ


رَبّاهُ هذا زمانٌ حَارَ وَاصِفُهُ

بِنارِ إِبْلِيسَ في الآفاقِ تَضْطَرِمُ


مَنْ لِلشُّعُوبِ إذا ما اختَلَّ حَاضِرُها

ذَمّاً وَدَمّاً وَسَادَ الظُّلْمُ والظُلَمُ


قصيدة رثاء

 بقلم الحبيب أبو بكر المشهور

إِلاّكَ يا كَاشِفَ الضَّراءِ أَنْتَ لها

فَاكْشِفْ وَسَامِحْ وَأَنْتَ الفَيْصَلُ الحَكَمُ


وَالخَتْمُ بِالمُصْطَفى طَه الّذي عَبَقَتْ

أَنْفَاسُهُ في الوَرى دِيناً لَهُ احتَكَمُوا


وَالآلِ وَالصَّحْبِ ما حَنَّتْ مُطَوَّقَةٌ

لِإِلْفِها وكذا ما انهَلَّتِ الدِّيَمُ