13 Mar
13Mar

كتب ياسر العولقي: في ظل استمرار الشرعية بأفرادها وصفتها وفاعليتها الراهنة، علينا ألا نضع حداً أو موعداً ممكناً يسبق القيامة أو نهاية التاريخ بيوم أو حتى بساعة، يتم فيه التخلص من الواقع الراهن والقضاء على الانقلاب، لأنه تبين من تتابع الأحداث والزمن طوال أكثر من سبع سنوات، أن هذه الشرعية متكيفة تماماً مع الأوضاع الراهنة، لأنها أوضاع توفر لأفراد الشرعية المزعومة بيئة خصبة للفساد والإثراء.
وفي الوقت الذي يتذوق اليمنيون جرع المرارات المتوالية والمتزايدة، يرفل أفراد هذه الشرعية الفاسدة في رفاهية مستهجنة أنتجتها الأموال المحرمة التي يجنونها من استمرار هذه الأزمة الخانقة والقاتلة للشعب وللوطن الذي يمنى بالخسارات والهزائم لينتصر أولئك الثلة الفاسدون في معدلات الربح المادي القذر.
مكاسب مادية ملوثة ورخيصة مقارنة مع قيمة الوطن والانتماء إليه، يذهب ضحية لها شعب قوامه يتجاوز الثلاثين مليوناً، يربح وبلد لم يعد قادراً حتى احتمال نفسه وعبثية واقعه المؤلم بلا حدود.
ثلة من الفاسدين يراكمون الأموال خارج الوطن وداخل بعضه، وفي المقابل شعب ضحية يواجه مرارات الجوع والتشرد وعدم الأمان.
ثم بعد ذلك تجد هذا الفاسد أو ذاك لا يخجل من نفسه وهو تمثيل ذلك الشعب ويزايد بمعاناته التي لم يقاسيها مثله شعب آخر على وجه الأرض، غائباً عن ذهنه وربما ليس غائباً، أن الثقة بينه وبين ذلك الشعب غدت في الحضيض وتجاوزت هبوطاً خانة الصفرية، وأنه لم يعد من إضافات إلى يقين الشعب تجاه هذه الشرعية إلا ما كان محملاً بعدم الرضا والكراهية ووصولاً مستوى الغضب المطلق.
تدرك الشرعية المزعومة وكل من يمثلها ذلك جيداً، وتعلم جيداً أنه حتى ولو تخلص الوطن من أزمته وانقشع ظلام الانقلاب، لن يكون لها مقام في ضمائر أفراد الشعب، ولا مكان في مساحة الرضا، وإن كان من مكان مناسب لها هناك فلا يتجاوز دائرة السخط والرغبة الجارفة في الانتقام من كل من كان سبباً في ما لاقاه وسيظل يلاقيه الوطن من آلام الشتات والقهر والخذلان.
والحقيقة أننا لم نعد نفرق بين طرفي الصراع في بلدنا فيما يخص الفساد فكثيراً ما نشعر وكأننا جمهور لمنازلة حاسمة بين السلطتين يتنازعان فيها على لقب الأكثر فساداً.!!
نعم لقد خذلتنا شرعية المنفى ليس من قلة حيلة، وإلا لكانت معذورة، ولكن نتيجة استسلام لسوسة الفساد التي لم يعد في هذه الشرعية، وقد أصبحت أبعد ما تكون عن الشرعية، موضع إبرة لم تنخرها، وتضع فيها أثراً للتلف والفساد في أقبح وأرذل صورهما الممكنة والمحتملة.
والأكثر إيلاماً أننا كشعب كلما حاولنا المقارنة بين واقع الفساد في سلطة الانقلاب في الداخل، وسلطة ما تسمى بالشرعية المتشردة بعيداً عنا في تخوم الرفاهية، لا نكاد نجد فارقاً مهماً في الأثر، فكلا الفسادين يمزقاننا ويمزقان وطننا أمام أعيننا، وكل الفاسدين هنا وهناك لا يغادرون فئة تجار الحروب، الذين تمثل الحروب والأزمات بيئتهم الأمثل، ومن المستحيل والبعيد جداً أن يتنازلوا عن تلك البيئة من أجل شعارات مجانية لا تحقق لهم ما يجنونه الآن من أرباح وعوائد.
مفاهيم ومسميات كالوطن والشعب والولاء والتضحية باتت في نظر هؤلاء وأولئك مجرد مظهر دعائي للمزايدة وللتصريحات الإعلامية التي يستخدمونها كبهارات يسيغون بها مذاق فسادهم وارتزاقهم وخياناتهم تجاه كل شيء حتى أنفسهم.
وكما نخرتهم سوسة الفساد كان بودي هنا أن أنخر واقعهم المشين وأتوقف عند صور فساد سياسيي اليوم وفي المقدمة من ينتمون شكلا لما يسمى باطلاً بالشرعية.
ولكن دعوني أكتفي بداية بهذه البكائية المحزنة والمغضبة أيضاً لتكون مدخلاً وبداية لموضوع الفساد وقضايا الفاسدين الذي لم يعد الوطن بالنسبة لهم أكثر من مسمى تختفي وراءه خيانات عظمى وصفقات مشبوهة لا تغتفر، مؤكداً على أن الفساد هو ما يقف، إن لم يكن كسبب مباشر فكعامل رئيسي، وراء كل المآسي والمعاناة التي وصل إليها وطننا منذ أكثر من عشر سنوات.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.