سابقت أوروبا والصين واليابان الزمن لإجلاء رعاياها من الخرطوم يوم الاثنين، واستفاد آلاف آخرون من هدوء نسبي في القتال بين الجيش السوداني وقوة شبه عسكرية على مدى اليومين الماضيين للفرار من البلاد.
وأسفر انزلاق السودان فجأة إلى الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل نيسان أسفر عن مقتل 427 شخصا على الأقل وأوقف عمل المستشفيات وعطل خدمات أخرى وحول مناطق سكنية إلى ساحات حرب.
وفر آلاف الأشخاص، ومن بينهم سودانيون ومواطنون من بلدان مجاورة، في الأيام القليلة الماضية إلى دول مثل مصر وتشاد وجنوب السودان.
وقال فريد أيور رئيس بعثة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في السودان إن "الحصول على الغذاء والكهرباء والمياه ما زال يمثلا تحديا مما يدفع الناس إلى المغادرة".
ويزداد الوضع قتامة بالنسبة لأولئك الذين بقوا في ثالث أكبر دولة أفريقية. وتقول وكالات تابعة للأمم المتحدة إن ثلث السكان، البالغ عددهم 46 مليونا، كانوا في حاجة إلى مساعدات إنسانية حتى قبل اندلاع العنف.
وكانت منظمات الإغاثة من بين تلك التي سحبت موظفيها في مواجهة الهجمات. وعلق برنامج الأغذية العالمي مهمته لتوزيع الغذاء، وهي واحدة من أكبر مهمات توزيع الغذاء في العالم.
ومن الصعب الحصول على المياه النظيفة في الخرطوم، كما تنقطع خدمات الكهرباء والإنترنت. ويتشارك السكان فيما لديهم من طعام وشراب.
ويتوقع قليلون استمرار التباطؤ النسبي للضربات الجوية والقصف المدفعي والمعارك المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع في الأحياء السكنية بمجرد انتهاء عمليات الإجلاء الدولية.
وقالت وزيرة الخارجية الفنلندية بيكا هافيستو "ليس من المناسب أن يغادر كل الأجانب البلاد في هذه الظروف"، مضيفة أنه بفك الارتباط دبلوماسيا مع السودان يجازف الغرب بالسماح لروسيا باكتساب المزيد من النفوذ هناك.
وقامت العديد من الدول، ومن بنيها كندا وفرنسا وبولندا وسويسرا والولايات المتحدة، إما بتعليق العمليات في سفاراتها بالسودان أو إغلاقها حتى إشعار آخر.
وبدأ القتال يحتدم مرة أخرى بحلول بعد ظهر يوم الاثنين. وأظهرت صور بثها التلفزيون سحابة كبيرة من الدخان الأسود بالقرب من المطار الدولي في وسط الخرطوم القريب من مقر قيادة الجيش كما سُمع دوي أصوات نيران المدفعية.
* مهمة الإجلاء
سعت بلدان منها دول خليجية وروسيا إلى إجلاء مواطنيها يوم الاثنين. واستُهدف دبلوماسيون في هجمات وقُتل خمسة على الأقل من العاملين في مجال الإغاثة.
وعلى الرغم من استمرار ضغوط بلدان تشعر بالقلق إزاء التداعيات الأوسع نطاقا للصراع فضلا عن سلامة مواطنيها، لم يلتزم الجانبان بهدنة مؤقتة.
لكن حدة القتال خفت خلال مطلع الأسبوع الأمر الذي سمح للولايات المتحدة والمملكة المتحدة بإجلاء موظفي سفارتيهما، وأدى إلى تسارع عمليات إجلاء مئات الرعايا الأجانب من قبل دول أخرى.
وأظهرت صور تكدس أسر وأطفال على متن طائرات عسكرية إسبانية وفرنسية، وكانت هناك مجموعة من الراهبات ضمن من جرى إجلاؤهم على متن طائرة إيطالية، وقال الجيش إن بعض الرحلات أقلعت من قاعدة وادي سيدنا الجوية شمالي الخرطوم.
وتعرض اثنان على الأقل من مواكب الإجلاء للهجوم وكان أحدهما ينقل موظفين بالسفارة القطرية والآخر كان يقل مواطنين فرنسيين أصيب أحدهم.
وأرسلت عدة دول طائرات عسكرية من جيبوتي لنقل الناس من العاصمة السودانية في حين نقلت عمليات أخرى أشخاصا في موكب إلى بورتسودان التي تطل على البحر الأحمر وتبعد حوالي 800 كيلومتر عن طريق البر من الخرطوم. ومن هناك ركب البعض سفنا إلى السعودية.
* مخاطر اتساع نطاق الصراع
نفذ الجيش وقوات الدعم السريع انقلابا في السودان عام 2021 لكن الخلاف دب بينهما خلال مفاوضات لدمج القوتين وتشكيل حكومة مدنية بعد أربع سنوات من الإطاحة بعمر البشير الذي قضى فترة طويلة في السلطة.
وتنذر الخصومة بينهما بنشوب صراع أوسع قد يستقطب قوى خارجية.
وخارج العاصمة، أشار تقرير للأمم المتحدة يوم الاثنين إلى أن أنباء أفادت بأن الناس يفرون من الاشتباكات في عدة مناطق بما في ولاية غرب دارفور وولاية النيل الأزرق على الحدود مع إثيوبيا وجنوب السودان وولاية شمال كردفان جنوب غربي الخرطوم.
وذكر المصدر الدبلوماسي أن هناك إجلاء أيضا لموظفي المنظمات الدولية من دارفور، وهو إقليم غربي يشهد تصاعدا في القتال، إذ يتجه البعض إلى تشاد والبعض الآخر إلى جنوب السودان.
وقالت وكالات تابعة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي إن ما يصل إلى 20 ألف شخص فروا إلى تشاد. وذكر مسؤولون في مقاطعة الرنك بجنوب السودان يوم الاثنين أنهم استقبلوا نحو عشرة آلاف شخص منذ بدء الأزمة.
وانفصل جنوب السودان عن السودان في 2011 بعد حرب أهلية دامت عقودا. واندلعت حرب أهلية في الدولة الوليدة منذ استقلالها وسبق أن نزح منها لاجئون إلى جارتها الشمالية.
وقال كاك باديت مفوض مقاطعة الرنك "استقبلنا ثلاثة آلاف شخص أمس فحسب ولا يزال الكثيرون في الطريق بسبب النقل. لا نملك وقودا لجلبهم".
وقال هابتي أديسو رئيس بلدة ميتيما يوهانس الإثيوبية إن المئات، ومن بينهم مواطنون من تركيا وجيبوتي ودول أخرى، وصلوا إلى البلدة القريبة من الحدود مع السودان.