أدى التصعيد الأخير على طول خطوط التماس في منطقة دونباس مؤخرا إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى روسيا.
كما يبدو أنه حفز الرأي العام الروسي لدعم اعتراف بوتين بهذه الأنظمة السياسية الانفصالية، على الرغم من أن الروس العاديين كانوا إلى حد بعيد( يوافقون على هذه الخطوة، على أية حال) لفترة طويلة بالفعل.
يؤدي هذا التطور إلى تعقيد العملية السياسية بشكل كبير لأنه يعني بشكل أساسي أن روسيا لم تعد تدعم حزمة الإجراءات المنصوص عليها لتنفيذ اتفاقيات مينسك (اتفاقية مينسك الثانية) في عام 2015م.
ومع ذلك، فمن وجهة نظر موسكو، لم يتم تنفيذ هذا الاتفاق حقا من قبل كييف في البداية، لذا كانت مسألة وقت فقط قبل أن يتم التخلص منها تماما من قبل جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك الأنظمة السياسية الانفصالية في دونباس وروسيا نفسها.
يغير هذا حرفيا الحسابات الاستراتيجية للصراع في شرق أوكرانيا وسيؤدي بالتأكيد إلى رد فعل حاسم من قبل دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة والذي من المرجح أن يتخذ شكل عقوبات مثلما كان الأمر في البداية.
ومن المتوقع أيضا تقديم المزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا.
وهذا ينطوي على خطر التصعيد إلى صراع أكبر بين هذه الدول الشقيقة تاريخياً، وهو الصراع الذي قد يتحول إلى حرب بالوكالة بين روسيا والناتو بالنظر إلى الدعم العسكري الحالي للغرب الذي تقوده الولايات المتحدة لكييف من خلال الإرسال الطارئ للعديد من أنواع الأسلحة المختلفة خلال السنوات الثماني الماضية وخاصة في الأشهر الأخيرة.
نظرا لأن اتفاقية مينسك الثانية لم تعد آلية عملية لحل النزاع، يجب على جميع أصحاب المصلحة وضع آلية جديدة، على وجه السرعة.
فسر بعض المراقبين ذلك بشكل مثير للقلق على أنه يشير إلى أنه قد يتضمن مطالبات إقليمية أخرى على الأرض التي لا تزال أوكرانيا تعتبرها تابعةً لها، مما يشير إلى أن أي تصعيد للصراع الحالي يمكن أن يؤدي إلى مراجعة جذرية للوضع السياسي الإقليمي.
ولكن في الوقت نفسه، ربما يكون هذا أيضًا تكتيكًا تفاوضيًا لإجبار كييف على قبول حل سلمي بدلاً من محاربة ما قد يعتبره البعض بالفعل "حربًا ميؤوسًا منها" ضد القوة العسكرية العظمى المجاورة لها.
ما يجب أن يتذكره المراقبون هو أن كل هذا تمت اثارته والتحريض عليه في نهاية المطاف من خلال التوسع الأمريكي المستمر لحلف الناتو الذي تعتبره روسيا تهديدا وجوديا، لا سيما أنه يخاطر بالتآكل التدريجي لقدرات الضربة النووية الثانية من خلال الانتشار الإقليمي لـ" منظومات الصواريخ "وضربات أسلحة بالتوازي مع انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقيات الحد من التسلح.
يمكن القول إن روسيا أقل اهتماما بالأرض وأكثر اهتماما بمراجعة الهيكل الأمني الأوروبي.
يبقى أن نرى ما إذا كانت الولايات المتحدة ستوافق أخيرا على احترام مطالب الضمانات الأمنية الروسية اعتبارا من أواخر ديسمبر في ضوء الظروف السياسية المتغيرة بشكل كبير في أوكرانيا- والتي تعني أمر وكلائها المزعومين في كييف بالتنحي- أو ما إذا كانت ستتضاعف وتنحدر أكثر عبر مواصلة المقاومة بقوة لما تصفه بـ"تحريفية" موسكو.
بدون الحاجة الملحة لعلاقات روسية أمريكية حقيقية لإجراء محادثات أمنية، الأمر الذي يمكن أن يدخل الأمن الأوروبي في أسوأ أزمة يواجهها منذ الحرب العالمية الثانية.